موضوع: هوس الالتراس من يطفىء نار الشغب؟ الأربعاء يناير 07, 2009 10:41 am
رب ضارة نافعة!! فأحداث الشغب التي شهدها ستاد الإسماعيلية يوم السبت الماضي أثناء وبعد مباراة الاهلي والاسماعيلي المؤجلة من الأسبوع الخامس للدوري الممتاز لكرة القدم وانتهت بفوز الاهلي بهدف نظيف، جاءت في توقيت هام ومناسب للغاية.. قبل أسبوع من مباراة أكثر أهمية ستجمع بين قطبي الكرة المصرية الاهلي والزمالك يوم الأحد القادم باستاد القاهرة في الدوري أيضا، وكون أن أحداثا خارجة وقعت من بعض الجماهير في مباراة أقل شعبية وجماهيرية من مباراة سيكون طرفاها القطبان، فالمؤكد أن الأمر جاء بفائدة، لأنه سيجعل الجهات الأمنية والنادي المنظم للمباراة سيتعامل بمنتهي الدقة والحزم مع الجماهير الخارجة علي النظام، بما يضمن خروج المباراة نظيفة وبلا خسائر أو علي أسوأ الفروض عدم تكرار المهزلة التي شهدها ستاد الإسماعيلية السبت الماضي.
و إذا كان المسئولون في النادي الاهلي باعتباره النادي المنظم لمباراة القمة بدأ مبكرا في اتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة بالتنسيق مع الجهات الأمنية المسئولة عن حفظ النظام في هذه المباراة، حيث دعا المسئولون بمديرية أمن القاهرة لاجتماع مع مسئولي الاهلي، وذلك للاتفاق علي التفاصيل الخاصة بتنظيم المباراة بما يضمن خروجها في أفضل صورة.. إلا أن الذي يهمنا هنا هو إيجاد الوسائل التي تضمن لنا عدم تكرار الأحداث التي وقعت باستاد الإسماعيلية لا في مباراة القمة القادمة فحسب، بل في كل المنافسات الرياضية القادمة.. هذا هو الذي دفعنا لأن نفتح ملف الشغب في الملاعب المصرية،لنبحث عن أسبابه ودوافعه،وكيف تكون مواجهته والتصدي له..ولنعرف ما إذا كانت روابط مشجعي الأندية التي ظهرت في الفترة الأخيرة هي السبب في كل الذي يحدث أم أن هناك تقصيرا تتحمله الجهات الرياضية الاخري التي هي طرف في القضية ؟!! لكن وقبل البحث عن اجابات لكل هذه الاسئلة، هناك أسئلة أخري لابد من الاجابة عليها أولا وقبل الدخول في التفاصيل، لأن في الاجابة عليها سيفيد التحقيق، ويسهل مهمتنا ومهمة السادة القراء. 1- من هم الالتراس.. وما قصتهم ؟! الالتراس أو(yltras بالإنجليزية )، هو الاسم الذي تطلقه الجماهير المتعصبة علي نفسها، والمعني اللغوي للكلمة هو (فائق عن الحد) أو (المتعصب).. وفي مصر يوجد أكثر من التراس،فهناك الالتراس الاهلاوي و لقبه ( معا للأبد yltras 4 ever )، وهي أقدم روابط الالتراس في مصر وعدد أفرادها يصل إلي 4500 عضو تقريبا موزعين علي ثلاث مدن فقط،القاهرة والإسكندرية والزقازيق.. الالتراس الثاني هي رابطة الالتراس الزملكاوي ولقبهم (الأشباح البيضاء white knights)، وعدد أفرادها يصل إلي 2500 عضو.. أما الالتراس الثالث فهي رابطة ألتراس الاسماعيلي ولقبهم ( التنين الأصفر yellow dragon ).. وعددهم لا يزيد عن مائتي عضو !! 2- ما المقصود بالشماريخ النارية ؟! الشماريخ،هي الصواريخ النارية التي يتم إشعالها في المباريات وإلقائها في الملعب، وكلمة شماريخ هي جمع ومفردها شمروخ، وهي كلمة ليست مصرية وإنما تونسية،حيث أن التوانسة هم أول من استخدموا هذه الصواريخ ( الشماريخ ) في مباريات الكرة، وهم أيضا أكثر من يستخدمها الان.. أما في مصر فالاسم الاصلي للشمروخ هو البارشوت وسعره يتراوح من 40 إلي 60 جنيها، ولا يباع إلا في بعض المدن الساحلية خاصة الإسكندرية والسويس،حيث يستخدمه البحارة وقادة السفن بالموانئ لإعطاء إشارات ضوئية للسفن التي ترسو ليلا.. وهو غير مصرح ببيعه للجمهور العادي، لكن يباع في السر شأن أي مواد ممنوع تداولها. كارثة بمعني الكلمة نعود لتحقيقنا وقد فضلت أن أبدأ باستطلاع رأي اللواء حرب الدهشوري رئيس اتحاد الكرة، ليس فقط لأنه كان المسئول الأول عن اللعبة في مصر لعدة سنوات، وإنما لشغله العديد من المناصب الأمنية كضابط شرطة. اللواء حرب يري القضية من منظور أمني قبل أن يراها من منظور فني لابد أن يؤثر علي الرياضة، فهو يقول أن ما حدث في ستاد الإسماعيلية يوم السبت الماضي كارثة بمعني الكلمة، مشيرا إلي أن الذي شاهد المباراة كان يعتقد أن هناك حربا تدور رحاها في المدرجات.. وبحس رجل الأمن رأي اللواء حرب أن الشباب الذين حملوا الصواريخ النارية بدوا وكأنهم مدربون علي ما يفعلونه، مشيرا إلي أن الصواريخ كانت مشتعلة في المدرجات وفي أماكن متفرقة في توقيت واحد، بما يدل علي أنهم مدربون بعناية علي ذلك !! ويضيف حرب أن الذي حدث باستاد الإسماعيلية ليس له علاقة أبدا بالرياضة ولا بكرة القدم، مشيرا إلي أن الجماهير التي حضرت المباراة كانت أقرب إلي المليشيات العسكرية منها إلي المشجعين العاديين، فبعضهم يرتدي الأقنعة،والبعض الاخر يضع رسومات غريبة علي وجوههم وأجسادهم،ناهيك عن استخدامهم المتواصل للصواريخ النارية،بشكل يشعر المتابع أنهم في حرب وليسوا في مباراة الهدف منها الاستمتاع ببعض الوقت !! والحل من وجهة نظر اللواء حرب يتطلب الضرب بيد من حديد،أو من نار علي الايدي التي تشارك في مثل هذه التصرفات،مشيرا إلي أن اتحاد الكرة عليه مسئولية ضخمة، ودوره لا يقل أهمية عن دور الأمن، ولذا فهو يري أن العقوبات التي وقعها الاتحاد علي الناديين غير كافية ولن تردع الجماهير!! ويوجه اللواء نداء إلي الاعلام المصري بكل وسائله بألا يتوقف عن المطالبة والمناشدة لكل الأطراف المسئولة بالدولة،بل هو يوجه نداءه إلي اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، بأن يتدخل لإيقاف تلك المهازل التي تنذر بكوارث لا يعلم نتائجها إلا الله!! مسئولية الأندية أولا الكابتن علي أبو جريشة نجم مصر و الاسماعيلي السابق والمشرف الحالي علي الكرة بوادي دجلة،يري أن ظاهرة الشغب بالملاعب المصرية، خاصة ملاعب الكرة،ظاهرة دخيلة علي الجماهير المصرية، مشيرا إلي أن المنافسة بين الأندية في السابق كانت أعنف وأشرس مما هي عليه ألآن ومع ذلك لم يكن هناك شغبا مثل الذي نراه ألان، بل هو يري "المصيبة السودة" علي حد قوله في الصواريخ النارية التي يتم استخدامها أثناء المباريات، فهذه الصواريخ التي تعجز معها وسائل البسيطة بما يعني خطورة تأثيرها، مؤكدا أنها ستسبب كارثة في يوم ما!! ويقول أبو جريشة أن إدارات الأندية عليها مسئولية كبري في توعية وتوجيه هذه الجماهير، خاصة وأن هذه الجماهير تتبع لروابط بالاندية حتي وإن أنكر بعض المسئولين ذلك، فهو علي ثقة من أن هذه الجماهير علي اتصال ببعض المسئولين بالأندية، بل ويتلقون تعليماتهم وأوامرهم منهم.. ثم يأتي الدور الامني والمنوط بحماية اللاعبين والأجهزة الفنية،مشيرا إلي أنه كان يشعر بالقلق والخوف علي سلامة الموجودين بدكة البدلاء، سواء دكة الاسماعيلي أو الاهلي،وزاد قلقه بعد أن تحطم جزء من المظلة التي كان يجلس أسفلها الجهاز الفني للاهلي. يأتي بعد ذلك - والكلام مازال لأبوجريشة - دور اتحاد الكرة والذي يجب أن يكون مسئولوه أكثر ردعا وحزما مع مثل الجماهير المنفلتة والخارجة عن النظام. الفضائيات السبب: ويتفق الكابتن مصطفي يونس نجم مصر والاهلي السابق مع من سبقوه في الرأي بقوله أن الردع،سواء الردع الامني من إتحاد الكرة هو أحد أهم وأقوي الحلول التي يمكن أن تأتي بنتيجة إيجابية سريعة،ولذلك فهو يري أن المسئولية الأولي تقع علي عاتق مسئولي اتحاد الكرة،مشيرا إلي أن المسئولين بالاتحاد مطالبون بأخذ عقوبات صارمة وعنيفة ضد المخالفين والمشاغبين دون النظر لاسم النادي المسئول عن الشغب.. لكن المشكلة أن هؤلاء المسئولين غالبا ما يمسكوا بالعصا من المنتصف فتأتي القرارات ضعيفة، بدليل القرارات "المايعة" التي تم اتخاذها بعد مباراة الاهلي والاسماعيلي ولا يعتقد أنها كافية أبدا أو مناسبة لما حدث !! ثم يلقي مصطفي يونس بالمسئولية علي الإعلام أو بشكل أدق علي القنوات الفضائية، لأنه يري أن القائمين علي العمل ببعض هذه الفضائيات يسعون إلي زيادة حالات الاحتقان بين جماهير الأندية،من خلال برامج وأراء كثيرا ما تثير مشاعر الغل والعنف عند بعض الجماهير. ولهذا فهو يري أن الأعلام عليه دور مهم كبير،إما بالارتقاء بمضمون المادة التي يتم تقديمها،أو بالسعي إلي التهدئة وتلطيف الأجواء قبل المواجهات الجماهيرية المهمة،كالمواجهة السابقة التي جمعت الاهلي والاسماعيلي،أو القادمة التي ستجمع الاهلي والزمالك. دور الأعلام الرياضي كذلك يتفق الكابتن عصام عبد الفتاح الحكم الدولي مع مصطفي يونس في التأكيد علي أهمية دور الإعلام المصري في التصدي لهذه الظاهرة،بل يؤكد عصام عبد الفتاح أن المسئولية الأولي والأخيرة تقع علي الأعلام،فهو يري أن الأعلام أشبه بالمرشد أو الدليل الذي يمكن أن يهتدي به ومن خلاله كل من في المنظومة الرياضية، ولو أن الإعلام نجح في معالجة الأحداث بشكل موضوعي وبعيد عن التعصب لتفادينا مثل الكثير من هذه الأحداث،لكن المشكلة - والكلام لعصام عبد الفتاح- أن هناك من يهمهم إشعال الموقف وتسخين الاجواء وتذكية نيران التعصب بين الجماهير،لأنهم وبكل أسف يعتقدون أن الاثارة هي التي تروج برامجهم،وتكسبهم الشهرة!! رأي الالتراس وبعد كل هذه الآراء كان لابد من استطلاع رأي أحد أعضاء الالتراس، حيث أخترت أحد أعضاء رابطة ألتراس الاهلي، وهو الشاب أحمد حمدي طالب بكلية هندسة جامعة الزقازيق.. يقول أحمد حمدي أن ما يفعله هو وزملاؤه من أعضاء الروابط الاخري ليس بدعة،بل هو موجود في معظم بلدان العالم سواء الأوربية أو الافريقية أو حتي العربية،مشيرا إلي أن الصواريخ (أو الشماريخ علي حد قوله) التي يتم استخدامها في المباريات،مسموح باستخدامها في الكثير من البلدان، وهناك بعض البلاد تحدد الكمية المسموح بدخولها, وبلدان أخري لا تحدد.. ويضيف بأن استخدامها ليس له أهداف تخريبية كما يظن البعض،وإنما الهدف الاصلي هو التعبير عن فرحة النصر أولإثارة الرعب في قلب المنافس، مشيرا إلي أن الذين تابعوا مباراة الاهلي والاسماعيلي الأخيرة يجدون أن الاسماعيلي كان متفوقا جدا في بداية اللقاء،لكن وبعد استخدام الجماهير الاهلوية لهذه الصواريخ تغير الوضع.. ويقول أحمد حمدي أن الالتراس تعني التعصب للنادي الذي تشجعه، واعضاؤه جميعهم من أصحاب المؤهلات العليا أو طلبة الجامعات، بل معظمهم من المثقفين علي عكس ما يظن البعض بأنهم مجموعة من الصيع !!
موضوع: هوس الالتراس من يطفىء نار الشغب؟ 
الأربعاء يناير 07, 2009 10:41 am
