عزيزتي حُسْن شاه:
سوف أروي لك حكايتي مع الانترنت حتي لا يحدث لغيري ما حدث لي من خداع.
وأنا
يا سيدتي محاسب في شركة كبيرة من أسرة موسرة مطلق وأعيش وحدي في القاهرة
لان عائلتي من المحلة الكبري.. وكنت قد تزوجت زواج صالونات من واحدة من
بنات المحلة اختارتها لي والدتي.. وبعد زواج فاشل بسبب عدم التوافق تم
طلاقي من زوجتي وعادت إلي اسرتها في مدينتا.. وبعد الطلاق.. وجدت نفسي
في حالة فراغ كامل.. فقد تعودت رغم الاجواء العاصفة التي دمرت بيتي في
النهاية إلي ان أجد في بيتي شريكا علي الأقل اتعارك معه وقد اتصالح معه في
آخر الليل.. وكان الفراغ بالنسبة لي قاتلا: ولانني لم أتعود التردد
علي المقاهي والكافيهات.. ولانني في فترة زواجي قطعت صلتي تقريبا
بزملائي واصدقائي واقاربي..
لم أجد وسيلة أسلي بها أوقاتي سوي
الانترنت.. وقد بدأت بالدخول إلي غرف »الدردشة« والتعارف عن طريق
هذه الوسيلة التي تحولت عندي إلي ادمان.. وبدأت اتلذذ بتأليف حكايات
وروايات للنساء والبنات وحتي الرجال الذين يتواصلون معي بهذه الطريقة..
وفي كل مرة كنت اخترع لنفسي اسما جديداوشخصية مختلفة.. فانا مرة شاب
شديد الثراء.. أعيش في ڤيلا فاخرة وعندي سيارة ثمنها مليونان وعندي عزبة
وشاليه في بورتو مارينا.. ويخت وأقضي أيامي متنقلا في الصيف بين مدن
أوروبا ومع ذلك فانني حزين لانني وحيد وخانتني زوجتي مع سكرتيري وأرغب مرة
أخري في الزواج.. وطبعا تنهال علي صداقات البنات والنساء وأنا أضحك في
سري منهن.. ومرة أخري ازعم انني طبيب وعندي عيادة تدر علي الألوف.
ومرة ثالثة.. أكون لاعب كاراتيه.. واحيانا أكون لاعب سيرك أقوم
بترويض الوحوش.. بل انني في احدي المرات زعمت انني امرأة جميلة مثيرة
وانني أبحث عن رجل أحبه واتزوجه.. ورد علي أحد الرجال بانه علي استعداد
لان يتزوجني في الحال لانه وقع في غرامي. وهكذا استمر الحال. في كل
ليلة وبعد عودتي من العمل أتناول عشائي وحيدا ثم ابدأ في لعبة الانترنت
وفي كل مرة أقوم باصطياد ضحية أتسلي بحكاياتي معها واروي لها حكاية تتفق
مع ظروفها ومستواها العقلي والاجتماعي وتنتهي غالبا بإعلان رغبتها في
الزواج مني.. وكنت احيانا اتظاهر بالرومانسية.. واحيانا اخري بانني
رجل حمش و»سي السيد« ومرة ثالثة بانني استاذ جامعي ومثقف ثقافة عالية..
أو صاحب محل مجوهرات أو صاحب مصنع ومليونير وكان لابد بعد ان تعبت من
التخفي وراء اسماء وقصص خيالية ان انزل إلي أرض الواقع وان ابدأ في ارسال
صورتي الحقيقية ومعلومات أقرب إلي الصدق عن نفسي.. فقد بدأت بعد عام
طويل من لعبة الانترنت في الاحساس بالملل من جديد.. واخذت أفكر في علاقة
من لحم ودم.. كنت أشعر بوحدة شديدة.. وفكرت في ان الانترنت هو أفضل
وسيلة للتعرف علي فتاة أو امرأة ابدأ معها علاقة تنتهي بالزواج.. فلم
أكن أريد الزواج مرة أخري عن طريق والدتي أو أخواتي البنات المتزوجات..
فقد سبق ان اخترن لي زوجتي التي تحملت الحياة معها خمس سنوات من أجل
خاطرهن وخاطر أمي بالذات.. لكنني هذه المرة أصبحت أرغب في ان اتزوج عن
طريق نفسي.. عن طريق التعرف علي عقلية فتاة تعجبني ونظل نتحدث طويلا
ليتعرف كل منا علي طباع الآخر وبعدها نتزوج.. وبدأت في كل ليلة أبحث عن
ضالتي.. فتاة أو امرأة جميلة مثقفة ترغب في الاستقرار.. وبدأت في
التواصل مع عدد من الباحثات مثلي عن زوج عن طريق الانترنت.. وبدأت أطلب
ان التقي بهن الواحدة بعد الأخري.. وقد حدثت لي مفاجآت بعضها مثير
للضحك.. وبعضها مثير للأسي.. فبعض هؤلاء النساء ترسل الواحدة منهن
صورة لها عندما كانت في العشرين من عمرها بعد ان صارت في الخمسين..
وبعضهن دميمات.. أو مريضات نفسيا.. وفي كل مرة كنت أعود بخفي حنين ثم
حدث ان تعرفت علي واحدة طلبت منها كعادتي مؤخرا ان تتصل بي بالتليفون حتي
يكون الاتصال أكثر حميمية.. وجاءني صوتها مثيرا لم أسمع صوتا في
جاذبيته.. وقد شدتني بحديثها الذي يدل علي انوثة طاغية.. وعندما طلبت
منها ان نلتقي لم تمانع وان كانت قد ذكرت انها تفعل ذلك في الخفاء من
والدها الذي وصفته بأنه شديد المحافظة واتفقنا علي موعد في كافيتريا احد
الفنادق.. وجاءت صاحبتنا وفوجئت بانها جميلة جمالا صارخا.
وشعرت
بأن الدنيا قد ضحكت لي وانني علي استعداد للزواج منها دون تفكير.. وجلست
معي ما لا يزيد علي عشر دقائق وهي قلقة تتلفت خوفا -كماقالت- من ان
يراها أحد من أقاربها أو معارفها فيبلغ والدها بأنها تجلس مع رجل
غريب.. وعندما انصرفت كنت قد وقعت في هواها.. واستمرت احاديثنا
التليفونية كل ليلة وأصبحت لا استطيع النوم الا لو اتصلت بها وكان لابد ان
أطلب منها انني راغب في زيارتهم لطلب يدها من والدها.. وأبدت موافقتها
وخوفها في نفس الوقت من ان يرفض الوالد تزويجها مني لانني لست في مستوي
ثرائهم.. وذكرت انها سوف تحاول اقناع والدها بقبولي.. وعندما اتصلت بي
لتخبرني بانها حددت لي موعدا مع والدها كدت أطير من الفرح.. وذهبت إلي
العنوان في الموعد فإذا بي أمام عمارة من أفخر العمارات كانت قد ذكرت لي
انها ملك والدها ودخلت الشقة فإذا بي في شقة مؤثثة بأفخر الاثاث..
وقابلني والدها فأدهشني انه لم يبد في صورة رجل الأعمال بقدر ما كان اشبه
بالسمسار.. ولكنني لم اهتم بمظهر الوالد فقد بدت العروس في أبهي وأجمل
صورة.. كانت اشبه بهند رستم في شبابها.. وطلب مني الوالد مهرا مائة
ألف جنيه فوافقت وشبكة بنفس القيمة فوافقت أيضا.. كنت مسلوب الارادة
واتفقت مع الرجل علي ان تأتي والدتي واخواتي البنات وازواجهن لقراءة
الفاتحة ولبس الشبكة بعد اسبوع واحد ووافقت.. واتصلت بوالدتي واخبرتها
بأنني اخترت عروسا علي مزاجي من القاهرة فدهشت وحاولت الاعتراض ولكن
اصراري جعلها تستسلم وتوافق.. ونزلت مع عروسي فاختارت شبكة عبارة عن
خاتم سوليتير بمائة وخمسين ألف جنيه عندما اخبرتها بان المتفق عليه هو
مائة الف جنيه فقط للشبكة قالت ان في مقدوري ان أخصم الخمسين الف جنيه
الزيادة من قيمة المهر.. واتفقت معها علي موعد حضور والدتي إليهم فكانت
المفاجأة انها اعطتني عنوانا آخر غير الذي زرتهم فيه أول مرة.. وعندما
سألتها عن السبب اخبرتني بان والدها اشتري عمارة ثانية انتقلوا إليها..
وصحبت والدتي واخواتي وذهبنا إلي العنوان الجديد فإذا بعمارة أشد فخامة
من الأولي.. وشقة أروع.. وأحسست ان والدتي بدت غير راضية بعد رؤيتها
لعروسي ووالدها ووالدتها وقالت لي جملة غريبة »الناس دول يا ابني مش
زينا«.. ولكنني لم اهتم.. وتمت مراسم تقديم الشبكة وانصرفنا علي موعد
جديد يتم فيه عقد القران.. وتحديد موعد الزفاف. وعندما حان موعد
انصرافنا أوصلتني العروس إلي الباب قائلة: »لما توصل البيت اتصل بي
كالعادة«.
وبعد ان قمت بتوديع والدتي واخواتي وازواجهن بعد ان اصروا
علي العودة في نفس الليلة إلي المحلة اتصلت بالفتاة التي أصبحت خطيبتي علي
التليفون المحمول كالعادة وكان الوقت قد تأخر.. وفوجئت بان التليفون
مغلق وخارج نطاق الخدمة.. وشعرت بالضيق لانني كنت أريد ان اسمع صوتها
الذي اعتدت عليه ورأيها عما حدث في ليلة قراءة الفاتحة. ولكنني تصورت
انها قد نامت بعد ان تأخر الوقت. وظللت قلقا طول الليل وان كانت السعادة
قد تغلبت علي في النهاية لان أهم مرحلة في ارتباطي بالآنسة التي اريدها قد
تمت علي خير.. وصحوت متأخرا في اليوم التالي لانه كان يوم جمعة وأسرعت
أطلب رقم تليفونها المحمول فأدهشني انه مغلق وخارج نطاق الخدمة.. وظللت
أعيد طلب الرقم كل خمس دقائق.. فيكون الرد انه مغلق وزاد من دهشتي انها
لم تطلبني.. فحتي ان كان تليفونها معطلا فقد كانت تستطيع ان تجد وسيلة
للاتصال بي. فتحت الانترنت علي الموقع الذي كنا ندردش عن طريقه فوجدته
صامتا هو الآخر. وعندما انتصف النهار لم استطع ان احتمل الموقف أو
الظنون التي ملأت رأسي.. فأخذت سيارتي وذهبت إلي العمارة التي تسكنها..
وعلي باب العمارة قابلني البواب علي باب المصعد وسألني عمن أريد من سكان
العمارة.. فقلت انني أرغب في الصعود إلي شقة صاحب العمارة.. فدهش
البواب.. واجابني بان صاحب العمارة غير مقيم في هذه العمارة.. وانه
يعيش منذ سنوات في الخارج.. وعندما سألته عن الشخص الذي راني أصعد إلي
شقته بالأمس اجابني بانه مستأجر للشقة لمدة يوم واحد وانه والمرأة كبيرة
السن والاخري الشابة اللتان كانتا معه تركوا العمارة في منتصف ليلة أمس.
وصعقت.. وذهبت إلي العمارة الأولي التي التقيت فيها بمن ادعي انه
والدها أول مرة فعرفت أيضا ان الشقة التي قابلني فيها كانت مستأجرة لمدة
يوم واحد.. حاولت ان أعرف اسمها أو عنوانها عن طريق رقم تليفونها
المحمول فاتضح لي بعد التحري ان التليفون المحمول مسروق من صاحبه ومبلغ
عنه. وادركت انني وقعت في عصابة وان الخاتم السوليتير الذي دفعت فيه
مائة وخمسين ألف جنيه يعتبر هو الآخر في حكم المسروق.
وخجلت من
ابلاغ الشرطة بما حدث لانه يدل علي سذاجتي الشديدة بل غبائي..
واتصلت بشكل شخصي بأحد اصدقائي من ضباط الشرطة الذي صحبني إلي أحد
الأجهزة الشرطية وهناك اخرج لي الضابط المختص صور بعض المحتالين الكبار..
وكان ذهولي بلا حدود عندما اتضح ان فتاتي وخطيبتي المزعومة لها سوابق
في النصب والسرقة ومحكوم عليها ومتزوجة من نصاب وهاربة من وجه العدالة وان
والدها أيضا من كبار النصابين وصادر عليه احكام بالحبس وهارب أيضا من وجه
العدالة.. وانها ووالدها وزوجها لا يستقران في مكان واحد أو مدينة
واحدة.. وان شرطة تنفيذ الاحكام تبحث عنهم لتنفيذ الاحكام الصادرة
ضدهم.
وأدركت ساعتها انني فقدت مائة ألف جنيه ثمن خاتم الخطوبة..
وانني وقعت في نصابة من عائلة نصابين.. وانها تستخدم كما عرفت كل وسائل
النصب ومن بينها الانترنت.
هل أعيد إلي الخاتم.. ومازال عندي أمل
في القبض عليها وان كنت علي يقين من انها تصرفت في الخاتم بالبيع.. ومع
ذلك مازلت في انتظار ان يقبض عليها ولو من باب تفريغ شحنة الغضب التي
اشعر بها كلما فكرت في انها قد استغلت طيبتي وخضوعي الغريب لجمالها..
ورغبتي في الارتباط بها برباط الزوجية المحترم.. وندمي.. علي كل
دقيقة من وقتي اضعتها معها سواء في الواقع أو علي الانترنت أو المحمول
وانا يا سيدتي اكتب لك حتي لا يحدث لغيري ما حدث لي.. وحتي يدرك الناس
ان العبث عن طريق التكنولوجيا المتطورة قد تكون نتيجته ان يفقد الإنسان
ماله.. وربما سمعته أو عقله. والحمد لله انني لم أخسر سوي المال.
س.ج.أ
>>>
عزيزي:
أحمد
الله لانني من الجيل الذي لا يعرف كيفية استخدام الانترنت.. وان كنت
أعلم ان استخدامه مفيد للجادين وقد يسبب مشاكل أكبر بكثير من النصب وخسارة
المال لمن يريد ان يتسلي عن طريقها ففي برنامج شهير بالتليفزيون الأمريكي
اسمه »دكتور فيل« عرض صاحب البرنامج قصة طفلة في الثالثة عشرة انتحرت
لان امرأة من نفس قريتها عبثت بمشاعرها الطفولية وقدمت لها نفسها عن طريق
الانترنت علي انها ولد معجب بها.. ثم بدأت تسب الطفلة وتصفها بابشع
الصفات فانتحرت الطفلة وحقيقة لا أفهم كيف يمكن لرجل ناضج عاقل ان يقيم
علاقة يريد ان تنتهي بالزواج عن طريق الانترنت أو المحمول.. ولا أعرف
كيف استطاعت هذه المرأة النصابة مهما بلغ جمالها ان تجعلك مغيبا عن
الوعي بحيث لم تسأل عن حقيقتها خاصة ان لك اصدقاء من رجال الشرطة ومع ذلك
فأنا ألا ألومك لانه قد ينطبق عليك المثل الشعبي »ما يقع إلا الشاطر«
ولا شك ان تصرفاتك في البداية عندما كنت تستخدم الانترنت للتسلية وسرد
الحكايات الوهمية علي الفتيات والنساء الراغبات في الزواج لم تكن شفافة..
وكانت هي بداية وقوعك بين يدي نصابة لا ترحم. وعزاء لك في قصة الحب
الوهمية.. والأهم عزاء لك في الخاتم
موضوع: خطيبتي‮.. ‬نصابة الانترنت 
الثلاثاء أبريل 07, 2009 8:24 am