يقول الأديب الإنجليزي الساخر برناردشو " إن بعض الناس يفكر في العام مرتين أو ثلاثا فقط "
فما الذي أعاق أمثال هؤلاء عن التفكير ؟
للتفكير معوقات كثيرة منها مايتعلق بنا كأفراد ومنها مايتعلق بالبيئة المحيطة ومن تلك المعوقات :
" العيش في الخيالات والأوهام والأحلام الفارغة والتعامي عن حقائق الواقع " والخيال مفيد إذا كان بقدر مايسعى الإنسان إليه من تطوير للواقع وإبداع وتجديد في حدود الممكن ، أما إذا حلق بصاحبه في أجواء المستحيلات ، بعيدا عن العمل والواقع فإنه ينقلب وبالا عليه .
" التردد والإضطراب " وذلك عند تعارش الأفكار وتعدد الخيارات ، وعدم القدرة على الحسم والإختيار حتى تفوت جميع الفرص وتتلاشى شتى الخيارات وكما قيل :
وعاجز الرأي مضياع لفرصته= حتى إذا فات أمر .. عاتب القدر[/poem]"
عدم التفكير في كل موضوع على حده " بحيث يفكر الإنسان في كثير من الموضوعات المجملة في وقت واحد ، فيتشوش تفكيره ، ولايستطيع الخروج بأية نتيجة في أي موضوع ، في حين لو أنه ركز وأعطى كل موضوع لوحده بعض الوقت لخرج بنتائج وقرارات واضحة .
" المحاكاة والتقليد للآخرين " في كل عمل يأتيه الإنسان ، وعدم الإستقلال في التفكير.
" المعاشرة والمصاحبة لأهل البطالة واللهو " ممن يتصفون بالكسل والخمول ، لأن الإنسان إذا صحب النابهين المبدعين قبس من أنوارهم ، كما أنه إذا صحب الخاملين تأثر بخمولهم .
" إشغال الفكر والعقل بما لم يخلق له وماليس في مقدوره " فكما أن عدم التفكير تعطيل للعقل ، فكذلك محاولة إشغاله بما ليس من إختصاصه ، تحميل له بما لايطيق ، كمثل محاولة العلم بما اختص الله به من علم الغيب في الآخرة والأقدار ، وكيفية صفات الله سبحانه وتعالى .
" الفراغ وعدم إشغال النفس بالعمل النافع المفيد " لأن الفكر جوال لايمكن أن يهدأ ويسكن ، فإن لم تشغله بالحق شغلك بالباطل .
" عدم القناعة بالعمل الذي يمارسه الإنسان " فيؤديه أما اضطرارا وأما تصنعا للناس ورياء، فيكون التفكير في العمل حينئذ غير متعمق ، بل مجرد أداء له في صورته التقليدية النمطية ، بعيدا عن أي إبداع أو تجديد أو ابتكار.
" التواكل الطفيلي " بمعنى أن يعود الإنسان نفسه على أن يفكر الآخرون نيابة عنه ، حتى في أخص أموره !
فيصاب بالترهل الفكري والجمود العقلي ، ويصبح كالنبات الطفيلي الذي يعيش على أغصان شجرة أخرى ، وبمجرد أن يذبل هذا الغصن أو يقطع تنتهي حياة هذا النبات الطفيلي ، مع التفريق بين هذه السلبية في التواكل وبين إيجابية المشاورة والإستفادة من الآخرين .
" بلادة الحواس" لأن بوابات الفكر ومنافذ العقل هي الحواس من سمع وبصر وذوق وحس وشم ، فإذا عود الإنسان حواسه على دقة الملاحظة وسرعة الإستجابة ، نشطت للعمل وكانت نعم العون للتفكير ، وإذا عودها على الخمول والكسل ، تعطلت عن أداء وظائفها .
" الإبتلاء بالجدل المذموم والمراء " لأنه يدفع صاحبه إلى المماحكة بالباطل ، ويثير البغضاء والشحناء والولع بالغلبة ، ويشيع الإختلاف بدل الإئتلاف ، وكل هذه الأمور مشغلة للنفس ، ومعيقة للفكر ، وصارفة له عن الإبداع والعطاء ..