نظام النقاط السوداء

لا “كاني” ولا “ماني” حتى مع المحترمين

نظام النقاط السوداء لا يعرف «الكاني» ولا «الماني» وسيبدأ تطبيقه على مستوى الدولة عند الساعة ١٢ صباح السبت الأول من مارس. والعقوبات المقررة خفيفة. مع أول ٢٤ نقطة: حجز «الليسن» ٣ أشهر. ثاني ٢٤ نقطة: حجز ٦ أشهر. ثالث ٢٤ نقطة: حجز سنة، ولا يعاد إلى صاحبه إلا بعد «المرمطة» في معاهد التدريب. أما جماعة «ليسن تحت التجربة»، فمصيرهم جهنم وبئس المصير، فأول ٢٤ نقطة: حجز «الليسن» ٦ أشهر ولا يعاد إلا بعد اجتياز دورة تأهيلية. ثاني ٢٤ نقطة: يلغى «الليسن» ولا يجوز له التقدم للفحص إلا بعد مرور سنة.
وقد تعتقد، أو تعتقدين، أن هذا النظام مخصص للطائشين وليس لأشخاص محترمين من أمثالك. وهذا غير صحيح، وإليك ما سيحصل يا محترم!
تبدأ يومك بتوصيل الولد إلى المدرسة. ولأن الأطفال أحباب الله، تجلسه، وهو لم يتجاوز العاشرة، بجانبك (٤ نقاط) ولا تربط الحزام كالعادة (٤) ثم تتذكر أنك لم تصدر فرمان الغداء، فتتصل بزوجتك: «خاطري في سمك مشوي اليوم»، بالطبع تتصل عن طريق «الموبايل» مستخدماً يدك الكريمة (٤). يشير إليك شرطي بأن تسلك طريقاً غير الطريق الذي تقصده بسبب وجود حادث مروري هناك، فتتظاهر بأنك لا تراه (٤) بخاصة أن رخصة قيادتك منتهية (٣) وتمضي وأنت تحكي لولدك قصة ما بعد النوم، وتتورط في ازدحام متشربك مثل خيوط الصيد، فتستعمل «الهرن» بطريقة مزعجة (٢). وحين تصل إلى المدرسة تقف في المواقف بشكل عشوائي مسيئاً استعمالها (٣).. هذه ٢٤ نقطة وبمنتهى البساطة.
«تبوس الواوا» في ساحة المدرسة وتركب سيارتك وتخرج إلى الطريق العام من دون التأكد من خلوه، فليس من طبعك الانتظار (٤ نقاط)، وتنظّف سيارتك بإلقاء «زبالة» أمس في الشارع لأن الإسلام يحث على النظافة (٤)، ثم تتوقف في وسط الطريق أمام السوبرماركت تطلب سجائر، وهذا من حقك فأمامك يوم طويل من شد الأعصاب وجمع النقاط (٤). تدخل معركة الازدحام وتلصق سيارتك بالسيارة التي أمامك كأنك تطلب منه أن يطير فوق السيارات (٤) وتضطر إلى تغيير طريقك فجأة منحرفاً على الآخرين (٤). ثم تسمع إنذار سيارة إسعاف لكنك أيضاً مريض بالضغط والسكّري، لذلك لا تفسح الطريق للإسعاف (٤).. هذه ٢٤ نقطة أخرى.
تجد نفسك محاصراً من كل الاتجاهات، وأعصابك أخرجت لك قروناً، ولست ناقصاً المشاة لتعطيهم أولوية العبور في الأماكن المخصصة لهم، ثم إن الماشي لن يموت إذا انتظر مرور موكبك (٦ نقاط). ولحسن حظك تجد شارعاً خالياً، فيصفق قلبك فرحاً لأنها لحظة الانتقام من الشوارع المزدحمة، فتسرع بما يزيد على ٦٠ كم/ساعة السرعة القصوى للطريق (١٢) وفي جزء من الشارع، تلاحظ أن هناك سيارات تمشي ببطء وتسد عليك دربك الأخضر، فتتجاوز من كتف الطريق قليلاً لأن القيادة تحب «الخفية» كما يقولون (٦).. وهذه الـ٢٤ الثالثة.
هكذا بلغت الحد الأعلى للنقاط السوداء ثلاث مرات في نصف نهار فقط، ناهيك عن الغرامات المتراكمة وحجز السيارة، برغم أنك لم تتسبب في أي حادث ولم تقطع الإشارة الحمراء ولم تفعل شيئاً ذا قيمة مرورية.. وكنت «محترماً» طوال الوقت. لكنك ستمنع من القيادة وليس أمامك إلا التاكسي، والمترو بعد سنة.. أما إذا فعلتها بـ«ليسن» موقوف، فأمامك حبس ٣ أشهر.