العالم يتطور في سرعة مذهلة، وما كان يحتاج فيما مضي الي مائة عام، يصبح الآن حقيقة في عشرة أعوام، وهذا التطور المادي السريع، يتطلب تطورا مماثلا في العقليات والمفاهيم، ومن المؤكد أن التطور العقلي في هذا العصر اسرع بكثير من التطور العقلي في العصور السابقة، ولكنه لا يزال متخلفا بعض الشيء عن التطور المادي المتلاحق اليوم.
وقد يهتدي عالم أو باحث او مخترع إلي فكرة او نظرية أو آلة جديدة قد لا يستغرق اكتشافها زمنا طويلا، ولكن تحويل الاذهان والعقول الي فهم الفكرة أو النظرية أو الاختراع يحتاج حتما إلي زمن أطول، ومن المؤكد ان هناك عقولا وأذهانا سريعة الاستيعاب والتطور، لأنها متفتحة وذكية ومدركة، ولكن هناك ايضا عقولا واذهانا بطيئة الفهم شديدة التمسك بالقديم، يصعب عليها أن تتطور بسرعة!.
ومن هنا كانت مشكلة التخلف والمتخلفين، وكانت ايضا مشكلة الدول المتخلفة، ومن المؤكد أن هؤلاء المتخلفين، وهذه الدول المتخلفة ستساير التطور حتما، وتستوعبه يوما من الأيام، وكلما اقترب هذا اليوم، اتسق سير العالم وسادته عوامل التقدم والسلام.
ومن حسن الحظ أن العالم يضيق، والمسافات الواسعة بين ارجائه تتقارب بفضل سرعة المواصلات والاتصالات وسهولتها، وذيوع التعليم، وانتشار ادوات الثقافة والإعلام، كالإذاعة والتليفزيون والفضائيات والانترنت وغيرها، كلها تسرع بالتطور، وتسرع في صياغة العقول والاذهان لكي تقبله.
وسيجيء اليوم القريب حتما حينما لا يفصل بين التطور العقلي والمادي وبين استجابة الجماهير له اي فاصل زمني