عرفته منذ زمن طويل.. وقابلته اليوم بعد انقطاع دام سنوات، قال أن السن تقدمت به ولهذا السبب فإنه لا يصوم، وكفاه ما صام من قبل، وله في هذا منطق غريب.. يقول لو أنه مات قبل ذلك بعشر سنين، وله أقران واتتهم المنية في هذا الحين، فهل كان يصوم، فإذا قلت له: ولكنك موجود.. قال: وهل طلبت أنا ذلك.
وقد تظن انه كان يصوم في سن الشباب، ولكنه لم يكن يفعل، وكان له منطقه ايضا، كان يقول: الصيام والعبادة لمن تقدمت بهم السن، ويوشكون ان يقابلوا وجه الله الكريم، او لمن ثقلت ذنوبهم يرجون التوبة والمغفرة، اما الشباب فالصفحة بيضاء، والذنوب نزوات، والخطايا جهالة منهم، وهل ترضي عدالة السماء أن تحاسب الجهلاء ذوي النزوات!!
وهو اليوم ينتظر العيد، كأنه صائم، وكأنه طوال رمضان يرقب المغرب ويستعجله مثل الصائمين، ويرقب السحور.
وتسأله لماذا السحور وأنت لا تصوم، فيقول: ألم تعرف حكاية هذا الزوج القديم الذي كان لا يصوم رمضان ، ولكنه اتفق مع زوجته علي ان توقظه اذا جاء وقت السحور وان تعد له من الطعام ما تعد للصائمين، وسارت زوجته علي هذه العادة لا تتخلف عنها ليلة واحدة من ليالي رمضان، حتي اذا داهمها النوم ذات ليلة فلم تستيقظ او توقظ زوجها، وجاء الصباح، فإنه يغلظ لها القول، ويتشاجر معها، لانها تركته يغظ في النوم.. وأحيانا تنفجر فيه زوجته وتصيح في وجهه: يا راجل انت لا بصوم ولا حاجة.. إيه حكاية السحور دي!!
فيبتسم زوجها معاتبا وضاحكا: يعجبك كده، لا صيام ولا سحور!!
ويستطرد صاحبنا فيقول: إذا كنت لا أصوم رمضان، فلا أقل من أن اتبع تقاليده ومراسيمه، تحية له ومعذرة