.. وانقلب السحر الأوروبي على الساحر، إسبانيون يهاجرون بطريقة غير شرعية إلى المغرب، يختفون في الصناديق الخلفية للسيارات أو الشاحنات، يدخلون المغرب من دون وثائق هوية ثم يعودون إلى بلدانهم بالطريقة ذاتها.
هذه الحوادث تكررت مؤخراً أكثر من مرة، وساد الخوف من أن يكون لهجرة بعض هؤلاء ارتباط بما سمي الإرهاب الدولي، ولكن حيرة رجال الأمن المغاربة لم تدم طويلاً بعد أن تمكنت التحقيقات من فك غموض هجرة ما كانت لتكون "سرية" خاصة وأن المغرب يفتح أبواب حدوده من دون تأشيرة للأوروبيين. أما الغريب في هذه الظاهرة فهي أن آلاف الشبان المغاربة الذين يمتطون قوارب الهجرة في اتجاه "الفردوس المفقود" باتوا يجدون منافسة من البر الآخر.
تمّ كشف الظاهرة الجديدة حين اعتقلت السلطات الأمنية المغربية رجلاً إسبانياً في باب "سبتة" إثر محاولته دخول المغرب بطريقة غير شرعية مختبئاً في الصندوق الخلفي لسيارة تحمل لوحة إسبانية، وهي الظاهرة التي يطلق عليها المغاربة بـ"لحريك". رجال الأمن أوقفوا السيارة المشبوهة وأخضعوها لتفتيش دقيق ليتم اكتشاف المتسلل بلباس رياضي وعلى جسده أوشام "تتماوج" ومن دون وثائق تثبت هويته.
وذهبت التحقيقات الأولية في اتجاه ارتباط الإسباني بعصابات تهريب المخدرات الصلبة "كوكايين"، خاصة أن المحققين ضبطوا بحوزته أكياساً بلاستيكية من النوع الذي يستعمل في تهريب "الكوكايين" في الأمعاء، وربط هؤلاء إحضار الإسباني لهذه الأكياس بتهريب كميات من هذا النوع من المخدرات إلى أوروبا بما يحول دون انتباه رجال الأمن والكلاب المدربة التي لا تستطيع الكشف عن تهريب المخدرات "المبلوعة"، كما اكتشفوا أعداداً كبيرة من الأكياس البلاستيكية التي تستعمل في تهريب "الحشيش"، ولم يقدم الإسباني المعتقل تفسيرات لوجود هذه الأكياس.
إلى ذلك ذهبت تحقيقات أخرى إلى احتمال ارتباط الإسباني بجماعات إرهابية، أو أنه مكلف بتنفيذ مهمة ما بدخوله وخروجه السريين عبر حدود "باب سبتة"، إلا أن التحقيقات في الاتجاهين أثبتت تورط الإسباني في التخطيط لعملية تهريب المخدرات عن طريق ملء الأكياس بكميات من "الحشيش" ووضعها في خزان وقود السيارة بعد اعتراف سائقها الإسباني المحكوم سابقا بالسجن إثر تورطه في ترويج المخدرات بإسبانيا.
وقد وجهت النيابة العامة تهمتي الهجرة السرية (غير الشرعية) إلى المغرب والتخطيط للتهريب الدولي للمخدرات إلى المتهمين الإسبانيين، اللذين اعترفا أيضاً بإقدام عدد من المهربين الإسبان على اتباع الطريقة ذاتها في التهريب بعيداً عن عيون الرصد في الحدود.
بقلم سعيد بونوار - المغرب |