مع بداية شهر الصيام والقيام، عاهدت نفسي ألاّ أترك التراويح ما دام بجسمي عظم صحيح. وصلت إلى المسجد، وقبل دخولي لمحت مشهداً لسيدة بالعمر كبيرة تتكئ على حفيدتها الصغيرة، ومشهداً لزوج يرشد زوجته إلى مصلى النساء، وما إن دخلت المسجد فيا هول ما رأيت من مسرة للقلب، جموع المسلمين الذين انتشروا في المسجد منتظرين إقامة صلاة التراويح.
وبعد ساعة من الركوع والسجود وكلّي خشوع، أحسست بحركة غريبة، فاعتقدت أنها ألاعيب الشيطان ليبعدني عن استماع القرآن، لكن في أثناء السجود دخلت كرة بثوبي ولم أستطع على إثرها الجلوس لسجدتي التالية، فياله من موقف محرج، فأين أنت يا بلاتر لتضم هذا الملعب إلى الفيفا وتأخذ هؤلاء الصبية إلى ملاعب فسيحة؟
فقد تعالت أصواتهم وهم يلعبون ويضحكون ويبكون ويتشاجرون. قسم النساء الذي لا تفصلنا عنه إلا ستارة بلاستيكية، فأين وعدك يا إمام المسجد بمبنى خاص بالنساء؟ فالأطفال خرجوا من أسفل الستار ليتنافسوا على القفز فوق المصلين، فيسقط أحدهم على الساجدين أو يصطدم بالأعمدة ليقع ويصرخ ويزعج الآخرين، فهذه الأم تحضر ومعها حلوى وبسكويت، وأحياناً سندويتشات وعصير، لتسكت بها أطفالها الثلاثة الذين لا يميّزون بين المساجد والملاعب، فيسكبون عليه ما طاب من اللذائذ، فتؤذي المصلين عند السجود، وتجعل المكان غير نظيف. وتلك التي وضعت أطفالها الذين يبدون من أشكالهم أنّهم عاقلون خارج المسجد ليتقاذفوا الأحذية على بعضهم، فهم يلهون فتخرج المصليات بعد الانتهاء من أداء العبادات واقفات محتارات على فردة حذاء هنا أو هناك، فتكتشف أنه على باب مصلى الرجال، هكذا قال لها أحد الصبية أنه ألقاه هناك، فكثيرة هي مشكلات الصغار.
فتسأل سائلة: "هل أطفالي جريمة فلا أذهب إلى الصلاة وأحرم من الدروس والعظات التي يلقيها الإمام بين الركعات، فأحرم من اجتماع المسلمين على الطاعات؟ فلقد جرّبت التراويح وحدي في البيت وكانت النتيجة أن الشيطان يشغلني بالتلفاز"، فإليك يا أيتها الأم التي مللتِ من الإحراجات اقتراحات تساعدك على أداء هذه الصلاة ليشفع لك خير العباد؛ فقسّمي وقت صلاتك.. جزء منها لإلهك وجزء منها للعيال، فتجلسين معهم بين الركعات خلف المصليات تعدينهم من سيلتزم الصمت بمكافأة على الفور، أو قسّمي أطفالك.. جزء بقسم الرجال مع أبي العيال وجزء معكِ لتخففي الضغوط، فقد يكون هذا حلاً مفيداً وجميلاً للجميع
بقلم فيصل أبو كويك - الشارقة
|