التعلق بزخرف الدنيا الفانية

حذرنا الله عز وجل من التعلق بزخرف الدنيا الفانية فقال‏:‏ اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور‏.‏

وحذرنا منها الحبيب عليه الصلاة والسلام فقال‏:‏ ألا أن الدنيا ملعونة‏,‏ وملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالي وما والاه وعالما ومتعلما‏.‏

وقال صلي الله عليه وسلم‏:‏ لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقي كافرا منها شربة ماء وقال عليه الصلاة والسلام‏:‏ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر‏.‏

ومع ذلك فإننا نجد كثيرا من الناس في غاية الحرص علي جمع حطام الدنيا الزائل ولو كان ذلك علي حساب دينهم ومبادئهم فكانوا كمن باع كل شيء من أجل لا شيء‏,‏ أو كمن اشتري لاشيء بكل شيء‏.‏

إن الله تعالي يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب ولا يعطي الدين إلا لمن أحبه‏,‏ وإن طالب الدنيا كشارب ماء البحر كلما ازداد شربها ازداد عطشا‏...‏ والمال منذ الأزل هو زينة الدنيا وبهجتها‏,‏ وأساس الحياة وقوامها‏,‏ فمن استولي عليه طغي وتكبر‏,‏ واغتر وتجبر‏,‏ وظن أن أحدا لن يقدر عليه‏,‏ وخيل إليه أن الناس جميعا من طينة غير طينته‏,‏ وأنهم ما خلقوا إلا مسخرين له‏.‏ إذا أشار كانوا عند إشارته‏,‏ وإذ نادي استبقوا لتلبية ندائه‏,‏ وهكذا هم خلصاء له وإلا فالويل لمن تحدثه نفسه بالعصيان‏,‏ والحرمان أو يتواني أو يفتر أو يقصر عن تحقيق أمانيه‏.‏

وكم من غني لا يشغله الغني عن الله تعالي‏,‏ وكم من فقير شغله فقره عن المقصود‏,‏ وصرفه عن حب الله والأنس به‏,‏ فالشاغل له هو حب الدنيا‏,‏ إذ لا يجتمع معه حب الله‏,‏ وان المحب للشيء مشغول به‏,‏ سواء كان في فراقه‏,‏ أو في وصاله‏,‏ بل قد يكون شغله في الفراق أكثر‏.‏

والدنيا معشوقة الغافلين‏,‏ فالمحروم منها مشغول بطلبها‏,‏ والقادر عليها مشغول بحفظها والتمتع بها‏.‏ فلنعلم إذن أن فراق المحبوب شديد‏,‏ فإذا أحببت الدنيا‏,‏ كرهت لقاء الله تعالي‏,‏ فيكون بقدومك بالموت علي ما تكرهه‏,‏ وفراقك لما تحبه‏,‏ وكل من فارق محبوبا كان أذاه في فراقه بقدر حبه له وأنسه به‏,‏ فينبغي لنا أن نحب من لا يفارقنا‏,‏ وهو الله تعالي‏,‏ ولا نحب

التي تفارقنا‏

بقلم: إبراهـيم نـافـع..‏