لذيذ يووه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي مطرقع جداا لعب وجد وحب وهزار هاندردش ونتعرف ونتكلم ونتعلم
 
الرئيسيةعالم المرحأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كنت في غزة البارحة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
saada
ناس معديه level 1
ناس معديه level 1



عدد الرسائل : 361
اكتب حاسس بأيه فرحان زعلان بتحب بتكره .. : عادى
نشاطك :
كنت في غزة البارحة Left_bar_bleue1 / 1001 / 100كنت في غزة البارحة Right_bar_bleue

تاريخ التسجيل : 26/06/2008

كنت في غزة البارحة Empty
مُساهمةموضوع: كنت في غزة البارحة   كنت في غزة البارحة I_icon_minitimeالإثنين يناير 12, 2009 11:41 am


كانت الرسائل بينها وبين زوجها طريقة للتواصل والتعبير أكثر جدية من الاتصالات الهاتفية، فقد أبعده عمله عنها ومع كل طرق الاتصال الممكنة صارت الرسائل الإلكترونية هي النافذة الوحيدة التي تشرع أبوابها على شغاف محبتهما التي تألقت مع استمرار فراقهما لعامين ونيف، لكن رسالتها كانت مختلفة هذه المرة، فما أن فتح بريده الإلكتروني حتى صدمه العنوان «كدت أموت رعبا» فراح يسابق أصابعه على مفاتيح الكمبيوتر ليفتح الرسالة ويقرأ ليجدها تقول: «كنت في غزة البارحة، أحمل طفلتَي وأهرب بهما مع الأمهات الهاربات.
وكانت القنابل تلاحقنا في كل مكان، بحثت عن المخابئ الآمنة فلم أجد أيا منها، مررت بالبيوت المهدمة وبالصغار النائمين نومة أبدية وبالآخرين الذين يتشبثون بالحياة فحياتهم وحدها هزيمة لفوهات البنادق التي تترصدهم، كان حملي ثقيلا فالتوأمتين كبرتا ولم يعد بوسعي حملهما معا، كنت أحاول القفز على الجدران العتيقة وأبكي من خوفي عليهما وأهرب أهرب ولا أعرف إلى أين.
استيقظت ورعدة باردة تسري في أوصالي ولم أستطع أن أتجاوز خوفي، ركضت إلى غرفتهما وجدتهما نائمتين بسلام، فبكيت لكل الصغار الذين غادرهم السلام، وبكيت لرعب الأمهات تحت وطأة الموت التي اعرفها وتعرفها جيدا في كل الحروب السابقة التي أدخلنا فيها عنوة ولم نكن نريدها.
أنت تعرف أني كنت قد قررت أن أبتعد عن كل أخبار الحروب فصورة محمد الدرة وهو يتلقى الرصاص أمام عيوننا ما زالت تطاردني وتوقظني من نومي، ولأني ابنة الحرب قررت أن أصنع سلامي الخاص بعيدا عن قنوات الأخبار وبعيدا عن كل ما يحدث وكأني لست هنا، وقد كنت أغمض عيني كلما مررت بصورة طفل ينهشه الموت، لأني لن استطيع أن أفعل شيئا سوى أن أبكي وربما أكتب شيئا لن يسمن أو يغني من جوع، لكن غزة بأطفالها المذبوحين أخذتني من أحلامي إليها، حمّلتني هم أمهاتها وأحزانهن الكثيرة وجعلتني أرى شكل الموت وهو يأخذ الطفل من حضن أمه وينشر الخراب في كل مكان».
بقي سطر من الرسالة كتبت فيها:
«أيها الحبيب خفت جدا البارحة تمنيتك قربي لعلك تخفف عني هذا الرعب الذي ما زلت أعيشه حتى الآن». لأول مرة يجد نفسه عاجزا عن الرد، فلو كانت زوجته وطفلتاه في غزة هل يستطيع حمايتهما، وهل ستكون أحضانه كافية لدرء الرصاص الذي يهزأ بالدروع البشرية ولا يفهم لغة الأمهات والآباء.
ترك الكمبيوتر وفكر بالعبث الذي يكتنف حياته فقد مرت سنتان من البعد جعلت منه أبا غائبا تظهر صورته على برامج المحادثة وتبدو الصغيرتان كما لو أنهما تشاهدان برنامجا على الشاشة فتملان ويبدأ بوضع صور لألعاب من الدببة والقبلات ليبقيهما أمام عيون الكمبيوتر وقتا أطول، فكم سيبقى على هذه الحال؟ وما الذي يفعله حين لا تعرفه ابنتاه؟ وكيف يمكن أن يقول لزوجته الخائفة لا تخافي وهو ليس بجانبها؟ فهل يمكن أن يرسل الطمأنينة لأحلامها عبر الانترنت؟.
كان يتلقى رسائل الحب من زوجته بعاطفة كبيرة ويشعر بالسعادة وهو يقرأ عبارات الشوق التي تكتبها، فكان يرد عليها بشغف كبير وكأنه يستعيد أناقة أيام الخطوبة الوردية، لكن تلك الرسالة جعلت الكلمات كسيحة لا تستطيع الوصول إلى مكانها، ووجد نفسه يغالب رغبة بالبكاء فتغلبه..حزم أمتعته استعدادا للعودة إلى بيته، فلم يستطع أن يرد على رسالة زوجته سوى بالوصول إليها بنفسه ليكون قريبا منها فيعينها على مواجهة كوابيس الموت بغزة.
دلال جويد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كنت في غزة البارحة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لذيذ يووه :: قسم الحوار الجاد :: كلامنا في مشاكل المجتمع المصري والعربي-
انتقل الى: