لا أعرف من هو الذي ربط بين التقوى والعبوس؟ ثم إن في أخلاق الصحابة الكرام الكثير من الأمثلة عن الشباب المتدين المبتسم المليء بالحياة والذي يضخ الحيوية والنشاط والابتهاج حواليه، وقبلهم كان الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم مثالا يحتذى في كل شيء، وخاصة في منح الحياة الدنيا ما تستحق ومنح الحياة الآخرة ما تستحق....
إذا فالذي فهم نصف الدين أو ربعه تراه عبوسا قمطريرا، مقترا على نفسه وعلى الآخرين حتى بالابتسام، أما من فهم لطافة الدين وسماحته، فتراه قد قرّر عندما التزم بالتشريع العظيم أن يضخ السعادة والإيجابية ليس في البيت فقط وإنما في كل الوجود... فواجب الشباب الملتزم أن يكون عصريا بكل ما تعني هذه الكلمة من إتقان لغات كثيرة إلى إتقان استخدام أجهزة التقنية الحديثة، إلى إتقان اختراع آلات مفيدة للأمة بل لكل الأمم، فضلا عن إتقانه الصلاة وتجويد القرآن وبراعته في تحويل الأعداء إلى أصدقاء.
والقرآن العظيم والسنة المطهرة يرسمان صورة الشاب المسلم الحق على أنه راهب في الليل فارس في النهار، يتطلع إلى الاتكاء على أضلاع القمر من حيث الإنجاز والابتكار والإبداع (وهذا المعنى الحقيقي لكلمة اقرأ) وهذا لن يتأتي إلا إذا كان الشاب عصريا يؤثر في هذا العصر بعد أن يتأثر فيه.
لن ترى صورة الإسلام الشريف النور الحقيقي في الغرب ما لم تتبدل صورة المسلم من ذلك الشاب الحاقد الناقم المنعزل الخامل الكسول، إلى ذلك الشاب اللطيف القريب من القلب الذي يتحصن بثقافة عربية إسلامية متينة من ناحية ومن ناحية أخرى عليه ان يلم بمختلف علوم العصر الحديث، بل عليه أن يكون مساهما فعليا في هذه العلوم.
لقد آن الأوان الذي يجب أن يقف فيه الشاب المسلم على قدمين: قدم تراثية وقدم حداثية، وإلى أن يحين ذلك الحين لابد لنا من التمعن في قراءة حياة الشافعي وجلال الدين الرومي والشعراوي والنابلسي، لأنهم بحق كانوا خير من عاش الماضي والحاضر والمستقبل في نفس الوقت، وقبلهم علينا الاقتداء بسيد البشر الذي مازالت أخلاقه العطرة عصرية أي تصلح لكل عصر بل تُصلح كل عصر.
أحمد طقش